القاهرة - طالب المجلس القومى لحقوق الانسان بضرورة إشراك كافة المؤسسات المعنية فى الدولة فى وضع استراتيجية متعددة المحاور (تشريعية،إدارية،وتثقيفية) بهدف "كفالة احترام الكرامة الانسانية".
وأكد المجلس - فى تقريره السنوى الرابع الذى أصدره الأحد وأعلن تفاصيله ومحتواه الدكتور أحمد كمال أبوالمجد نائب رئيس المجلس - ضرورة تعديل النصوص القانونية المتعلقة بجريمة التعذيب وإساءة معاملة المواطن ، وأوصى بمواجهة كافة مظاهر هذه الاساءة.
كما أوصى التقرير بأن تتضمن هذه الاستراتيجية "فى شقها الادارى" ترسيخ منهج المساءلة التأديبية لكل من يثبت بحقه من رجال السلطة إساءة المعاملة ، و فى الشق التثقيفى يدعو المجلس الى تعميم وتطوير برامج ومناهج وأساليب تدريس حقوق الانسان فى مختلف المعاهد التعليمية والجامعية بما فيها جامعة الازهر .
وأعاد التقرير التأكيد على ضرورة تفعيل الإشراف القضائى على السجون وأماكن الاحتجاز ، مطالبا بضرورة عرض مشروع قانون مكافحة الارهاب على المجلس القومى لمناقشته فى جلسة خاصة لتحقيق مزيد من التوازن المطلوب بين أمن الوطن وأمن المجتمع ، وكفالة حقوق وحريات المواطنين ، وطرح نصوصه للنقاش على الرأى العام، حسبما ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط.
ودعا المجلس فى تقريره الى ضرورة إصدار قانون جديد لتنظيم الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية على أساس نظام القائمة النسبية، اتساقا مع التعديلات الدستورية، وتدعيما للمشاركة الحزبية والتعددية السياسية من ناحية ، ودافعا للممارسة الديمقراطية من ناحية أخرى.
ونبه المجلس القومى لحقوق الإنسان فى توصياته التى طرحها فى تقريره السنوى الرابع بشأن دعوته لإصدار قانون جديد لتنظيم الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية على أساس نظام القائمة النسبية الى ضرورة أن يراعى القانون تنظيم ممارسة المصريين فى الخارج لحق الانتخاب والمشاركة، والنص فى بنوده على تمييز ايجابى يضمن الحد الادنى لتمثيل المرأة فى المجالس النيابية ، وإجراء الانتخابات بالرقم القومى.
وطالب المجلس بتفعيل الاشراف القضائى على الانتخابات ، والعمل على ترسيخ حقوق المواطنة، وترجمة مبدأ المواطنة المنصوص عليه فى المادة الاولى من الدستور الى تشريعات ولوائح وأنظمة إدارية وبرامج وخطط عمل على كافة المستويات.
وأشار التقرير الى مجمل التوصيات والمقترحات التى صدرت عن المؤتمر الذى نظمه المجلس فى 25 نوفمبر الماضى حول "المواطنة فى مصر" وكذلك إعلان المواطنة الذى أصدره المجلس، وسرعة إصدار القانون الموحد لبناء وترميم دور العبادة الموحد ، وإجراء مراجعة تشريعية شاملة لتعديل أية قوانين تتضمن شبهة التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو الطبقة أو الفئة ، وضرورة إصدار قانون تكافؤ الفرص والمساواة وحظر التمييز.
وفيما يتعلق بما كشف عنه فى العام الماضى من وقائع تعذيب وأفعال منافية للكرامة الانسانية ، نوه تقرير المجلس القومى لحقوق الانسان بما قامت به وزارة الداخلية والتى لم تتردد فى إحالة ضباط متهمين وأفراد شرطة بالتعذيب أو إساءة معاملة المواطن الى جهات التحقيق والمحاكمة وبادرت بمساءلة البعض الاخر تأديبا.
إلا أن التقرير أشار فى نفس الوقت الى أن تكرار هذه الوقائع وعلى النحو الذى حدث هو أمر جد خطير ومثير للقلق ، ويؤكد المجلس على ما سبق أن أوصى به بضرورة تطوير السجون وأماكن الاحتجاز والاعتقال.
وذكر التقرير أن المجلس يتابع باهتمام جهود وزارة الداخلية فى نشر وتدريس ثقافة احترام كرامة الانسان فى كليات ومعاهد الشرطة للطلاب، كما يحيى مباردة النائب العام لتفعيل النصوص القانونية الخاصة بالتفيش على السجون وأماكن الاحتجاز والحبس والتحقيق فى بعض المخالفات فى هذا الشأن.
وأكد التقرير بعد استعراضه لعدد من قضايا الرأى والتعبير أن حرية الرأى والتعبير هى ضمان لكل تطوير ديمقراطى وضرورة لاعلاء قيم المراجعة والتصحيح والنقد.
وأقر المجلس القومى لحقوق الانسان بأن التعديل التشريعى الخاص بإلغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر لم يكن على قدر التطلعات اليه إذ مازالت هناك أفعال كثيرة يعاقب عليها بالحبس فى مجال ممارسة حرية الرأى والتعبير.
ويرى المجلس - فى تقريره - أن هذه الحرية - ولو أنها حق أصيل من حقوق الانسان - إلا أنها لا ينبغى أن تكون على حساب حرية الحياة الخاصة وأن الحرية المسئولة هى خيار ممكن ومطلوب.
وأكد المجلس القومى لحقوق الانسان فى تقريره أن ترسيخ و تعزيز قيم المساواة وتكافؤ الفرص والشفافية هى من ضرورات الوقاية من الفساد ومكافحته .. مطالبا بسرعة إصدار قانون لاتاحة المعلومات وتداولها لاستحداث ما يلزم من نصوص ذكية لمواجهة حالات تضارب المصالح التى تحظرها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد باعتبارها ضربا من ضروب السلوك غير المشروع ، وهى الاتفاقية التى صادقت عليها مصر لتعتبر بذلك جزءا من التشريع الوطنى.
وأشار التقرير الى أنه من واقع رؤية المجلس لشمولية منظومة حقوق الانسان ككل لايتجزأ، فإن حماية حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية تمثل اليوم حاجة ملحة، وأولوية ضرورية فى ظل تزايد معاناة المواطنين.
وطالب بالتفعيل الصارم لقانون وآليات حماية المستهلك ومراقبة السلوك الاحتكارى فى السوق ، واتخاذ كافة الاجراءات والتدابير القانونية والادارية لمواجهة الارتفاع غير المشروع للاسعار .. داعيا فى الوقت نفسه الى القيام بحملة مجتمعية واعية ومنظمة لاعلاء قيمة التكافل الاجتماعى ، وتحقيق التضامن الانسانى بين الفئات القادرة والفقيرة.
كما طالب بوضع خطة متعددة المحاور للقضاء على ظاهرة عمالة الاطفال الذى وصل عددهم الى مليون و 700 ألف طفل.
ونبه التقرير الى ضرورة أن تتواصل مسيرة الاصلاح القانونى والسياسى فى مصر والتى اعتبرتها الدولة إحدى أولوياتها .. مشيرا الى أن هذا الامر جدير بالتواصل على طريق تحقيق المزيد من حماية وتعزيز هذه الحقوق والحريات .
وفيما يتعلق بالشكاوى التى تلقاها المجلس القومى لحقوق الانسان خلال العام الماضى ،أشار التقرير الى أن عددها وصل الى 6676 شكوى مثلت وسيلة إرسال الشكاوى بالبريد الوسيلة الأكثر استخداما حيث وصل عددها الى 2942 شكوى بنسبة 1ر41% من إجمالى الشكاوى التى تلقاها المجلس ، وجاء فى المرتبة الثانية وسيلة الفاكس حيث وصل عدد الشكاوى الى 1716 بنسبة 7ر25% .
فيما مثلت الشكاوى الواردة عن طريق البريد الالكترونى من خلال شبكة الانترنت نسبة محدودة للغاية حيث لم تتعد 40 شكوى بنسبة 6ر0%.
وجاءت محافظة القاهرة الاعلى فى نسب الشكاوى المقدمة حيث بلغ عددها 1099 بنسبة 5ر16% ، تليها الجيزة 469 شكوى بنسبة 7%، ثم الإسكندرية 453 بنسبة 8ر6%، وكانت أقل المحافظات فى عدد الشكاوى محافظة البحر الاحمر 19 شكوى ، ثم جنوب سيناء 15 والوادى الجديد 24 شكوى .
وقد مثلت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نسبة أعلى حيث بلغت 40ر42% بعدد 2825 شكوى ، والحقوق المدنية والسياسية 29ر32% بعدد 2156 شكوى.
كما تلقى المجلس القومى لحقوق الانسان شكاوى بعدم الاختصاص بنسبة 19ر22% بلغت 1482، وأخرى خاصة بقضايا عامة بلغت 49 شكوى، وشكاوى الحق فى العمل من حملة المؤهلات العالية والمتوسطة 228 شكوى.
وقد تراوحت ردود الجهات المعنية والوزارات المختلفة مابين عدم الاختصاص ودراسة الشكوى وأسبابها والرد على المجلس.
وخلص المجلس فى نهاية تقريره الى القول إنه يقدر مجددا الاهتمام الذى توليه الحكومة لجهوده وأنشطته وأن مايصدره من أحكام وتقييمات لايصدر عن رؤية ذاتية ، ويدرك أنه بحاجة فى أداء رسالته الى تفاعل سلطات الدولة معه .. فالنهوض بحقوق الانسان مهمة تفاعلية تشارك فيها الحكومة ومختلف الهيئات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى.
ونوه التقرير بأن المجلس استخلص بالفعل - من دافع خبرة السنوات الاربع منذ تأسيسه - تعاونا ملحوظا من جانب الحكومة فى الرد على الشكاوى وفتح مجالات التدريب على برامج حقوق الانسان ونشر ثقافة حقوق الانسان فى وسائل الاعلام المختلفة .
وقال الدكتور احمد كمال ابو المجد فى ختام عرضه للتقرير السنوى الرابع إن هناك تحسنا تدريجيا من جانب الحكومة فى نسبة الرد على تقارير المجلس .. مضيفا أن الحكومة قد قامت بالرد على التقرير الثانى.